تكاليف الملكية في المغرب .. من التابو إلى النقاش العام
السبت 24 نونبر 2012 - 08:26
بعد النقاش الذي أثارته "طقوس البيعة" والجدل حول جمع الملك بين الحكم والاستثمار، هاهم المغاربة يطرحون ’تكاليف الملكية‘ على طاولة النقاش. هل خرجت المؤسسة الملكية في المغرب من دائرة التابو؟ أم أن هذا النقاش "دليل على أن المغرب يعيش دينامكية سياسية" برأي أحد المراقبين؟ أم أنه نوع من "المساومة" و "الشعبوية" كما يرى آخر؟
نقاش قديم
النقاش حول ميزانية القصر ليس جديدا في المغرب، إذ أن أحزابا سياسية وصحفا وطنية كانت في السابق تتطرق لهذا الموضوع، إلا أن النقاش لم يكن يتطرق لحجم الميزانية بقدر ما كان يرتبط بـ "الطريقة" التي يتم بها تمرير الميزانية في البرلمان. هذا ما يؤكده الباحث في الشؤون السياسية الدكتور محمد ضريف:
"بشكل عام ليس نقاشا جديدا لأنه في السابق كانت بعض وسائل الإعلام وبعض القوى السياسية في المغرب تتساءل، ليس عن القدر المالي المخصص في الميزانية للقصر الملكي بقدر ما كان النقاش يركز على الطريقة التي تتم بها مناقشة ميزانية القصر داخل المؤسسة البرلمانية، بحيث اعتاد البرلمانيون ألا يناقشوا ميزانيتي القصر والدفاع".
نوقشت ميزانية القصر للعام القادم 2013 في 10 دقائق بحسب ما أكدته بعض وسائل الإعلام في المغرب، ولم يتجرأ أحد من النواب الثمانية الذين كانوا حاضرين في لجنة المالية التابعة لمجلس النواب في النقاش باستثناء نائب واحد ينتمي لحزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة الحالية.
المجتمع مؤهل
من جهته يرى الدكتور عبد الفتاح البلعمشي مدير المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، أن النقاش حول ميزانية القصر يدل على وجود "اهتمام" لدى المغاربة الذين أصبحوا مؤهلين لمعرفة كيفية تدبير شؤونهم العامة:
"أصبح هناك اهتمام لدى المواطن المغربي ولدى الفرقاء السياسيين بالمؤسسة (مؤسسة القصر) وبالمؤسسات المنتخبة ذات البعد الشعبي بصفة عامة، وبكيفية صرف المال العام. وهذا بصفة عامة شيء جيد يدل على أن المجتمع بدأ يتأهل ليعرف كيف تدبر أموره على المستوى العام".
مزايدة
بيد أن النقاش اتخذ في نظر بلعمشي منحى آخر، بحيث تعددت أوجهه وتحول إلى ميدان للمساومة بين فرقاء سياسيين:
"هناك مزايدة بين الفرقاء السياسيين في الأغلبية والمعارضة، بحيث أصبحنا نرى أن الحزب الذي يقود الآن الحكومة، كان يطالب في السابق من داخل البرلمان بأن تعرض هذه الميزانية على البرلمان، واليوم تمر الميزانية بنفس الطرق التي كانت تمر بها في السابق بينما نجد أن المعارضة الحالية والذي كان جزءا منها في السابق يمرر هذه الميزانية، هو الذي يحتج اليوم على الطريقة التي مرت بها الميزانية في البرلمان".
مرحلة أخرى
يعتبر الدكتور محمد ضريف أن سياق الربيع العربي وحراك الشباب المغربي الذي قادته حركة 20 فبراير، أسهم في فتح أرضية النقاش حول المؤسسة الملكية في المغرب. ويرى أن المؤسسة الملكية هي مؤسسة "دستورية" ومن حق الرأي العام أن يعرف ما يجري داخل هذه المؤسسة، ويضيف قائلا:
"هناك حركية في المغرب تتمثل أساسا في كيفية التعاطي مع المؤسسة الملكية. فحركة 20 فبراير ركزت عندما انطلقت مسيراتها في سنة 2011 أساسا على مطلب الملكية البرلمانية، بمعنى تقليص صلاحيات الملك بأن يسود ولا يحكم. هذا التعاطي السياسي مع المؤسسة الملكية المتمثل في مطلب الملكية البرلمانية انتقل بعد ذلك ليركز على معارضة طقوس البيعة أو طقوس الولاء والآن انتقلنا إلى مرحلة أخرى تتعلق بطرح موضوع ميزانية القصر الملكي للنقاش".
محاربة الفساد
يؤكد الدكتور محمد ضريف أن المغاربة معنيون بكل ما يتعلق بالمؤسسة الملكية وأن طرح هذه المؤسسة كموضوع للنقاش "دليل على أن المغرب بالفعل يعيش نوعا من الحيوية ونوعا من الديناميكية السياسية رغم بعض ردود الفعل التي تواجَه بها الحركاتُ المطالبة مثلا بإلغاء طقوس الولاء أو المطالبة بإعادة النظر في ميزانية القصر الملكي من تدخلات عنيفة". ودعا الدكتور ضريف السلطات إلى التعامل مع "حركية المجتمع المغربي بأسلوب يختلف عن الأساليب التي كانت معتمدة في السابق".
وبدوره يرى الدكتور بلعمشي أن النقاش الراهن حول الميزانية الملكية والمال العام بصفة عامة هو "نقاش صحي" معتبرا تعاطي المجتمع مع هذا الموضوع تطورا عاما ولم يعد "حكرا على دوائر ضيقة". إلا أنه يعتقد أن هذا الموضوع ليس ذي أولوية في تدبير الموازنة العامة. "المطلوب الآن في المغرب هو محاربة الفساد على مستويات أخرى".
*يُنشر باتفاق مع إذاعة هولندا العالمية
ليست هناك تعليقات :