Dienstag, 19. Juni 2012

الشبيحة.. «آلة قتل» تحت تصرف نظام الأسد

يرتكبون مجازر جماعية ويقومون بالمهام القذرة التي يوكلها إليهم أقارب الرئيس
المساء
برز إلى السطح مع استعار نار الثورات العربية، ثم مع بداية الثورة في سوريا،  مصطلح «شبيحة»، الذي يقصد به القوات غير النظامية

التي تقاتل إلى جانب قوات بشار الأسد، وتكلف بـ»المهمات القذرة» وارتكاب مجازر وحشية من أجل ترهيب الثوار، وردعهم. فمن يكون هؤلاء ولماذا منحوا هذا الدور لقمع التظاهرات السلمية وترويع الأبرياء؟
الشبّيحة مصطلح يطلقه السوريون على مجموعة من القوات المسلحة غير النظامية شكلها ابن أخ الرئيس السوري الراحل، حافظ الأسد، نمير الأسد. ويقدر تعداد أفرادها بما بين 9 إلى 10 آلاف عنصر، ويقودها أفراد من الأسرة الحاكمة. وتعود هذه التسمية إلى كلمة «شبح»، وقد برزت قبل عقود في مدينة اللاذقية السورية للدلالة على عصابات المهربين الذين كانوا ينشطون في المدينة الساحلية، فيما يرجع البعض التسمية إلى أن أفراد هذه العصابات كانوا يقودون سيارات من طراز مرسيدس يطلق عليها اسم «الشبح» لسرعتها، ولهذا سموا بالشبيحة.
لكن المتسببين اليوم في المجازر البشعة التي تقع في سوريا لا علاقة لهم بالمافيا، بل هم أداة تسمح للنظام بالتصرف بأكثر الطرق وحشية من دون أن يرتبط ذلك بأي مؤسسة، بحيث يستطيعون اقتراف شتى أنواع الجرائم، ويكون في وسع النظام مع ذلك أن يتبرأ من ذلك.
مهام قذرة
لا توجد أي هيكلة نظامية يتبع لها «الشبيحة» الذين يؤكد الناشطون أن النظام يوكل إليهم «المهام القذرة» في كل أنحاء البلاد، حيث ينتشرون في المدن مسلحين سواء بالعصي والقضبان أو بالأسلحة الرشاشة.
ويروي النازحون السوريون إلى لبنان بهلع شهاداتهم عن الشبيحة ومن يقع بين أيديهم، بدءا بتعذيبه ثم تسليمه إلى الأجهزة الأمنية واعتقاله اعتباطيا، أو قتله من دون مسوغ، إضافة «إلى ممارساتهم العديدة الخارجة عن القانون بالنسبة إلى التعدي على الممتلكات والأشخاص».
وقد نشرت على المواقع الإلكترونية عشرات أشرطة الفيديو التي يظهر فيها رجال بلباس مدني يتعرضون للضرب والتعنيف في الشوارع وخارج المساجد من حمص في الوسط إلى درعا في الجنوب.
ويصعب غالبا التمييز بين المدنيين العاديين الموالين للنظام والشبيحة باللباس المدني، الذين ينقضون على المتظاهرين المطالبين بإسقاط النظام بغية قمعهم وترهيبهم، كما تصعب معرفة من هم عناصر الشبيحة وعددهم بالتحديد وإن كانوا منظمين أم لا، وما إن كانوا يتبعون قيادة محددة؟
ورقة للمواجهة
 ويرى خبراء أن «الشبيحة» يشكلون اليوم ورقة قوية لدى النظام السوري في مواجهة التحركات الشعبية المستمرة. وفي هذا السياق، يقول مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما غوشوا لانديس: «لقد تصرف النظام ببراعة خلال الأشهر الأولى من الانتفاضة». ويوضح أن الذهنية السائدة داخل النظام تقول بوجوب عدم الوثوق من حيث المبدأ إلا بأبناء الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس والتي تسيطر على السلطة في البلاد منذ أكثر من أربعين سنة، إلا أن هؤلاء «الجنود الاحتياطيين» يأتون من كل مكان.
ويخلص لانديس إلى أن دور الشبيحة يقوم بشكل أساسي على نشر الخوف، وهو الأمر الذي حال دون تفكك سوريا خلال العقود الأربعة الماضية، لكنه «خوف انكسر على ما يبدو مع الربيع العربي».
السحر ينقلب على الساحر
ورغم «الفائدة» التي يعود بها الشبيحة على النظام، فقد تظهر المذابح الطائفية في سوريا هذه الميليشيات في صورة المسخ الذي سينفر حلفاء سوريا، ويدفع إلى التدخل الخارجي، الأمر الذي سيسرع بسقوط نظام بشار الأسد.
فقد اعتبر محللون أنهم لا يرون منطقا عسكريا قويا يدفع الحكومة السورية لارتكاب أعمال القتل السابقة لمئات المدنيين السنة في الشهور الأخيرة الماضية، الأمر الذي ألهب المشاعر ضد الأسد في الخارج وبين من يؤيدونه من الأغلبية السنية في سوريا.
وقال البعض إن مسلحين ممن يعرفون بالشبيحة من الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد والتي تسلحها النخبة في دمشق ربما يشون حملة لطرد السنة لإقامة منطقة عازلة حول معقل آمن للعلويين على ساحل سوريا. ويزيد الأمر من خطر تفكك سوريا على غرار ما حدث في الاتحاد السوفيتي.
وتصاعدت وتيرة العنف الطائفي منذ شهور في سوريا، حيث قتل مدنيون من السنة والعلويين أو شردوا من منازلهم. لكن المذابح في الحولة والقبير القريبتين من مدينتي حمص وحماة زادت من الضغوط على حلفاء الأسد في الخارج للتخلي عنه، كما عززت مخاوف إراقة دماء في سوريا على غرار ما حدث في العراق.
وقال فواز جرجس، من كلية الاقتصاد في لندن، إن الشبيحة أصبحوا الآن المسخ الذي يهدد حياة صانعيه، وذلك بعد إثارة نفور الطبقات الوسطى من السنة في المدن والتي كانت تؤيد الأسد وترى فيه حماية للنظام في مواجهة الفوضى، وكذلك استياء الغرب وغضب الدول العربية السنية من رعاة العلويين الشيعة مثل إيران.
وأضاف أن النظام خلق الشبيحة وحركهم وسلحهم وأصبحوا الآن يمثلون كابوسا بالنسبة إليه، وهو كابوس يدمر أركان النظام نفسه بشكل أساسي.
وأجبرت قسوة العنف في سوريا والتي أصبح السوريون يطلعون عليها عبر وسائل التواصل الاجتماعي الطبقة الوسطى وطبقة التجار السنة في مدينتي دمشق وحلب على تغيير مواقفهما بعد أن اتسمت، في البداية، بالسلبية.
ووصلت معارضة حكم الأسد إلى هاتين الطبقتين، حيث بدأ تجار في الأسواق الرئيسية في غلق متاجرهم استجابة لطلبات معارضين.
وقال جرجس إن «المذابح تعجل بتدمير النظام لنفسه، وإذا كان النظام السوري يرتكب هذه المذابح، فإن هذا يعد انتحارا جماعيا وإذا كان المسخ هو الذي يرتكبها فهذا يعني أن النظام لم يعد يتحكم في تصرفات واحدة من أكبر الميليشيات التي يملكها».
وذكر جرجس أن «الأمور تخرج عن نطاق السيطرة وأن أفعال الشبيحة تقوض أي شرعية مازال يتمتع بها نظام الأسد داخل وخارج سوريا».
عاصفة من التنديد
وأجبرت المذابح التي ارتكبت في الآونة الأخيرة والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 120 من النساء والأطفال، من بين 186 شخصا قتلوا بالرصاص وحرقا وطعنوا حتى الموت، حكومات في العالم على أن تبدو على الأقل أنها تفعل شيئا من أجل مدنيي سوريا ومن أجل وقف ارتكاب المزيد من الفظائع رغم مخاطر التدخل العسكري في البلاد.
وأشار جرجس إلى اللامبالاة الدولية التي هزتها روايات الفظائع التي ارتكبت في الآونة الأخيرة، وقال إن سوريا تحت الرادار. مضيفا أن المذابح تجعل المجتمع الدولي يتحرك وأنها تجعل التدخل مرجحا بشكل أكبر، مثلما قال الجنرال الأمريكي مارتن ديمبسي، لأن الضغط يكون مهولا.وعلى الرغم من أنه لا توجد إشارات على تدخل خارجي وشيك في سوريا، حيث لا تقبل القوى الغربية بشكل كبير على مغامرات عسكرية جديدة، فإن المذابح التي ارتكبت مؤخرا سببت قطعا موجة غضب في المنطقة وعلى مستوى العالم. وتبحث دول حليفة للمعارضين السوريين عن سبل لتقليل تفوق الأسد الكبير في القوة. ووصف الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أعمال القتل بأنها «وحشية لا توصف»، ونعتت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون المذابح بأنها «معدومة الضمير»، وقالت إن واشنطن ترغب في العمل مع كل الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي للضغط على روسيا لتنضم إلى الجهود الرامية إلى تنحية الأسد.
مواقف متباينة
وقال محللون إن المذابح زادت من صعوبة موقف روسيا والصين اللتين تقولان إن دمشق التي تنفي أي ضلوع لها في القتل تستجيب لمبادرات للإصلاح.  
ويقول بعض المحللين إن أعمال العنف التي وقعت في الآونة الأخيرة في شمال غرب سوريا تظهر عزما لدى دمشق على قمع الانتفاضة برمتها.    ويعتقد محللون أن الأسد مازال يقاتل لاستعادة السيطرة على كامل أرجاء البلاد وأنه لن يرضى بجزء منها. وقال جرجس إنه لا يعتقد أن «الأسد سيغادر دمشق وينسحب إلى مكان آخر في سوريا، فهو سيقاتل حتى النهاية وبمجرد أن يغادر فإن الأمر سينتهي».
وسيكون أي تقسيم لسوريا مثل إقامة وطن للعلويين بمثابة سابقة خطيرة وسيقابل بمعارضة شديدة من جيران لسوريا مثل تركيا وإيران والعراق، وهي دول تخشى من انقسامات طائفية وعرقية بداخلها.
وقال جرجس إنه لا يمكن أن تكون هناك دولة طائفية منفصلة في سوريا، لأن هذا سيدمر المنطقة بأكملها. وأضاف أنه لا توجد قوة إقليمية ولا دولية يمكنها قبول هذه الفكرة وأن أي دولة علوية لا يمكن أن تعيش في سوريا.
واتفق جرجس مع محللين آخرين على أنه «إذا أقيمت دولة للعلويين بعد تقسيم خطير لسوريا في نهاية المطاف، فإن هذا من شأنه الضغط على الزناد لتفكك دول بها عرقيات وطوائف مختلفة في الشام».
وستخشى تركيا في هذه الحالة أن تنفصل الأقلية الكردية فيها وتنضم إلى الأكراد الذين يتمتعون بشكل من أشكال الحكم الذاتي في شمال العراق والأكراد في سوريا وإيران، كما سيكون الاستقرار الهش للبنان الذي تعيش فيه 17 طائفة معرضا للخطر. وسيشتد الصراع بين السنة والشيعة في المنطقة، إذا ما أسفر تقسيم سوريا عن دولة سنية جديدة في دمشق.
ومازال الغرب يكافح لإيجاد طريقة للتعامل مع القنبلة الموقوتة المتمثلة في صراع سوريا دون اللجوء إلى تدخل عسكري جديد لا يريده في العالم الإسلامي، لذا فإن فرص رحيل الأسد بسرعة تبدو ضئيلة بدون أي تحول استثنائي في الأحداث.
وقال سالم من مركز كارنيجي إن النظام السوري دخل بالفعل الفصول الأخيرة، لكن هذا سيستمر لشهور عديدة أو حتى لسنوات قليلة حتى يحدث تغير دراماتيكي. وقال جرجس إن الصراع في سوريا ليس فقط عملا مضنيا يستغرق وقتا طويلا وإنما عملا شاقا داميا وصراعا مسلحا مديدا. وأضاف أنه لا يعتقد أنه ستكون هناك نهاية سعيدة في سوريا لكن الصراع لن ينتهي بتقسيم البلاد.
على «قائمة العار»
وضع تقرير جديد للأمم المتحدة قوات الحكومة السورية وميليشيات الشبيحة التابعة لها لأول مرة على «قائمة العار» للحكومات والجماعات المسلحة التي تقوم بتجنيد وقتل أو استغلال الأطفال جنسيا في الصراعات المسلحة. وكشف التقرير الأممي أن القوات السورية قامت بإعدام أطفال في سن الثامنة وتعذيبهم واستخدامهم «دروعا بشرية» خلال عمليات عسكرية ضد معارضين. وأدرجت الأمم المتحدة الحكومة السورية من بين الأسوأ على قائمتها «السوداء» السنوية للدول التي تشهد نزاعات يتعرض فيها أطفال للقتل أو التعذيب أو يرغمون على القتال. وتقدر مجموعات حقوق الإنسان أن قرابة 1200 طفل قتلوا منذ بدء الاحتجاجات الشعبية قبل 15 شهرا ضد نظام بشار الأسد.
وقالت ممثلة الأمم المتحدة الخاصة بشؤون الأطفال في النزاعات المسلحة راديكا كوماراسوامي قبل نشر التقرير: «نادرا ما رأيت مثل هذه الوحشية ضد الأطفال كما في سوريا، حيث الفتيات والصبيان يتعرضون للاعتقال والتعذيب والإعدام ويستخدمون دروعا بشرية». وجاء في التقرير أن الأطفال «استخدموا من قبل الجنود وعناصر الميليشيات دروعا بشرية فوضعوا أمام نوافذ حافلات تنقل عسكريين لشن الهجوم على بلدة لاروز بمحافظة إدلب في 9 مارس الماضي». ونقل التقرير عن شهود أن الجيش والاستخبارات السورية وعناصر من الشبيحة طوقوا البلدة قبل شن الهجوم الذي استمر أكثر من أربعة أيام. ومن بين القتلى الـ11 في اليوم الأول ثلاثة فتيان بين الـ15 والـ17 بينما اعتقل 34 شخصا من بينهم فتيان اثنان وفتاة في التاسعة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إن التقرير كشف عن واحدة من «انتهاكات عديدة خطيرة» بحق أطفال. وأضاف التقرير أن أطفالا في التاسعة تعرضوا للقتل والتشويه والاعتقال التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة بما في ذلك العنف الجنسي، كما أنهم استخدموا دروعا بشرية. وتابع التقرير أن «غالبية الأطفال الذين عذبوا تعرضوا للضرب وعصبت أعينهم ووضعوا في وضعيات مرهقة وجلدوا بأسلاك كهربائية ثقيلة وحرقوا بأعقاب السجائر وفي حالة موثقة تعرضوا لصدمات كهربائية في أعضائهم التناسلية». وروى شاهد على الأقل للمحققين أن فتى في الـ15 من عمره تقريبا توفي من جراء الضرب المتكرر. وأشار التقرير إلى أن المدارس تعرضت مرات عدة لهجمات واستخدمت كقواعد عسكرية ومراكز للاعتقال.


مجازر وحشية من أجل مرتبات ضخمة و«غنائم»
وقف «أبوجعفر» بجسمه الضخم الموشوم، ورأسه الحليق ولحيته الكبيرة، متحدثا عن عالم الشبيحة.. هذا الرجل، الذي يبلغ من العمر 38 عاما، يحب رياضة رفع الأثقال في إحدى صالات «الجيم» في اللاذقية قبل أن يذهب للسهر في أحد أنديتها الليلية،  عمل واحداً من رجال «مافيا المليشيات»، حيث كان يهرب البضائع والمخدرات والأسلحة بين سورية ولبنان، إبان الحرب الأهلية، بأمر من عائلة الرئيس السوري بشار الأسد، الممتدة والمنتشرة حول اللاذقية.
وعندما يستدعيه معلمه لإحدى تلك المهام، يترك في الحال زوجته وأطفاله، ويتخلى عن شرب الخمر المحلية المسماة بالعرق، ويقول: «إذا تلقيت اتصالا من معلمي، يتغير برنامجي اليومي بالكامل».
ويضيف: «لا أعلم متى أعود إلى بيتي مرة أخرى». ويحمل في رحلته تلك سلاحه الكلاشينكوف والقنابل اليدوية ومسدسه، ويقول إن الحكومة قدمتها إليه، وينضم «أبوجعفر» إلى مجموعة مكونة من 100 شبيح، وهي مجموعة تنتمي إلى الطائفة العلوية، والمسؤولة عن أسوأ أنواع الانتهاكات التي عرفتها البلاد، والتي تدفع سورية إلى حافة الحرب الأهلية.
وفي مقابلة مع مراسل «الصنداي تايمز»، في اللاذقية، قدم «أبوجعفر» معلومات عن عالم الشبيحة الغامض، والذي هو عبارة عن عالم حافل بخليط من التلقين الديني، وانفصام الشخصية الطائفية، وجرائم المافيا. ويدعي المتظاهرون الساعون إلى الإطاحة بالأسد، أن الشبيحة مسؤولون عن مجزرتين، حدثتا في أقل من أسبوعين، راح ضحيتهما أكثر من 200 مدني، تعرضوا للموت بدم بارد، أكثرهم من النساء والأطفال، ويلقي النظام السوري باللوم «على الإرهابيين». وتسببت مجزرة الحولة، التي راح ضحيتها أكثر من 100 مدني، ومجزرة قبير بمحافظة حماة، حيث لقي أكثر من 78 مدنيا مصرعهم، في إثارة الرأي العام العالمي، ورفع مسؤولون أمريكيون سقف التوقعات إلى العمل العسكري. وتقول بعض التقارير إن الجيش اصطحب معه الشبيحة، إلى مسرحي هاتين المذبحتين.
ومثله مثل الكثير من أبناء الطائفة العلوية، التي يقدر عددها بما يصل إلى 2.5 مليون نسمة (تمثل 12٪ من عدد السكان)، يقول «أبوجعفر» إنه نشأ في الفقر، «قصتي مثل قصص جميع الشبيحة، فقد ولدت في قرية صغيرة، ولم أكمل دراستي في المدرسة، وبدلا من ذلك ذهبت للعمل مع والدي، في مزرعة الليمون التي يملكها».
تم تجنيده في الأمن السوري، خلال خدمته العسكرية، حيث يعمل ضباط الجيش مع الشبيحة، في التهريب الذي أقره النظام. ويقول «أبوجعفر»: «كنت أكبر من زملائي الآخرين، لهذا تم تعييني حارسا شخصيا لأحد كبار الضباط، وبعد انتهاء خدمته العسكرية، طلب مني أن أكون معاونا له في التعامل مع بعض المهربين العلويين». وخلال ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، عاش «أبوجعفر» ومجموعته عيشا رغيدا، فقد كانوا يهربون الطعام والسجائر والبضائع من اللاذقية إلى لبنان بأرباح خيالية، في الوقت الذي كانوا يستخدمون فيه السيارات الفارهة والأسلحة النارية والمخدرات، داخل بلاد يشبه نظامها الاقتصادي النمط السوفيــــيتــــي، الذي أقامه الرئيس السابق حافظ الأسد. يقول المؤرخ المنشق، يسن الحاج صالح؛ «عرفوا بالوحشية والإخلاص الأعمى لقادتهم»، ويضيف: «لا يستطيع أحد أن يمس الشبيحة، أو جلبهم أمام المحاكم». وينبع ذلك من الصلة الوثيقة بين الشبيحة وأسرة الأسد، ففي مايو من العام الماضي، فرض الاتحاد الأوربي عقوبات على أبناء عمومة الأسد فواز والمنذر، بوصفهم من الشبيحة الذين نكلوا بالمدنيين. وفي منتصف تسعينات القرن الماضي، بدأ الشبيحة يفلتون من السيطرة، حيث أمر الأسد الأب أكبر أبنائه، باسل الأسد بالسيطرة عليهم، إلا أن باسل مات في حادث سير، قبل إكماله تلك المهمة، وكان من المفترض أن يخلف أباه على حكم البلاد، فحل محله الرئيس الحالي بشار الأسد. ترك «أبوجعفر» مجموعته، وذهب ليفتح متجرا للمشروبات الكحولية في اللاذقية، ويقول: «في يونيو الماضي طلب مني أصدقائي من الشبيحة، أن أعود للعمل معهم، للدفاع عن الرئيس الأسد وعائلته».
وعلى الفور ارتفع دخل «أبوجعفر»، المقدر بـ1000 ليرة سورية في اليوم، مقابل عمله مع الشبيحة، إلى راتب شهري ثابت يساوي ستة أضعاف ذلك المبلغ، يقول «بدأنا بمواجهة المحتجين، لكن عندما لجأت المعارضة إلى السلاح اضطررنا إلى مهاجمتهم في قراهم». ويضيف قائلا «إضافة إلى مرتباتنا، فإننا نأخذ ما نستطيع أخذه من أشياء، خلال هجومنا، مثل أجهزة التلفزيون والفيديو والإلكترونيات».
«أبوأحمد»، أحد سكان الحولة، أخبر «صنداي تايمز» بأن «جميع العائلات تعرضت للذبح في قرية قريبة، وتعرض الأطفال والنساء لإطلاق النار من مدى قريب، أو تعرضوا للذبح بالمديّ على أيدي الشبيحة». ويردد «أبوجعفر» ادعاءات النظام نفسها بأن المعارضة المسلحة تتلقى السلاح والدعم من قطر والمملكة العربية السعودية، ويضيف: «نتلقى الأموال والأسلحة من حكومتنا لمقاتلة المتطرفين الذين يجبرون زوجتي وبناتي على ارتداء الخمار، وإغلاق جميع متاجر الخمور».
عن «صنداي تايمز»
  • بلوجر
  • فيسبوك
أترك تعليقا باستعمال بلوجر

Keine Kommentare :

أترك تعليقا باستعمال الفيسبوك
كافة الحقوق محفوظة ل موقع أم مها: كل ما يهم المرأة - تصميم آر كودر

زر الواتساب يشتغل في الهواتف فقط